السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... المدونة لاتزال تحت الإنشاء

اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة

مشاهدات الصفحة

التبادل الإعلاني

29‏/10‏/2017


الإهتمام بالمساجد والمحافظة عليها                 الشيخ عزيز العنزي

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله معِزُّ من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يأمن من قالها وعمل بمقتضاها يوم الفزع الأكبر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فما مات صلى الله عليه وسلم حتى كشف الله به الغمة عن هذه الأمة، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وعلى التابعين لهم بإحسان وعلى من تبعهم إلى يوم الدين وسلم تسليما مزيدا .

أما بعد، فيأيها المؤمنون أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، واعلموا أن من اتقى الله وقاه ومن لم يتق الله فقد باء بالخسران المبين
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
أيها المؤمنون لقد عظم الله عز وجل شأن المساجدِ في شريعة الإسلام، ومما يدل على ذلك أن الله عز وجل أضافها إلى نفسه إضافة تشريف، قال الحق سبحانه وتعالى " وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا "
وقال عز وجل في شأن هذه المساجد وطبيعة بنائها والأعمال التي تؤدى فيها، قال عز وجل " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
بل ربنا عز وجل جعل عمارة المساجد علامة على الإيمان، قال الحق سبحانه " إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " الآية.
والعمارة أيها المؤمنون نوعان: عمارة معنوية وعمارة مادية
أما العمارة المادية ففي البناء والتشييد والتعمير، وأما المعنوية ففي الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله وطلب العلم وتعليم المسلمين، هذه هي المساجد وهذه هي بيوت الله عز وجل ولذلك لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أول شيء فعله هو بناء مسجده صلى الله عليه وسلم، وهذه المساجد تتفاضل فيما بينها، فأفضل المساجد على الإطلاق المسجد الحرام الذي الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، وثانيها مسجدُ النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة فيه بألف صلاة، وثالثها المسجد الأقصى والصلاة فيه بخمس مائة صلاة، كذلك مساجد البلدة، فكلما كان المسجد قديما كلما كان أفضل وأولى، والنبي صلى الله عليه وسلم حث على بناء المساجد وتشييدها وعمارتها، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَنْ بنى لِلَّهِ مَسْجِدًا مما يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَلَوْ كَمِفْحَصِ قَطَاةٍ بنى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"
وهذا أساليب العرب في دلالة على المبالغة أن الإنسان ولو بنى مسجدا صغيرا لمجموعة من الناس، بنى الله عز وجل له بيتا وقصرا في الجنة، رزقني الله وإياكم الجنان والرضوان والروح والريحان في مجاورة حبيبنا صلى الله عليه وسلم.
نعم عباد الله، وإن المساجد هذه عظمها الله عز وجل تعظيما، وعظمها نبينا صلى الله عليه وسلم تعظيما لا مزيد عليه، ذلك أن المساجد هي بيوت الله عز وجل، ولذلك اكتنفتها جملة من الأحكام، المساجد هذه البيوت هي بيوت الله عز وجلّ،  لا تشبه بيوتنا وبيوت الناس، وإنما هي بيوت الله عز وجلّ،  قال النبي صلى الله عليه وسلم " إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُتَّخَذْ لِهَذَا الْخَلاَءِ وَالْبَوْلِ وَالْقَذَرِ ، إِنَّمَا تُتَّخَذُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى "
ولذلك نجد النصوص الشرعية ذكرت هذه المساجد على سبيل التعظيم، وفتحت كل الوسائل والطرق والذرائع التي تُبقي المسجد معظما مهابا في نفوس المسلمين صغارهم وكبارهم، ولذلك المسلم إذا جاء المسجد، المشروع في حقه أن يأتيه بسكينة ووقار، لا بعجلة ولا بجلبة وبذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" لماذا؟ لأنك مقبل على بيت من بيوت الله عز وجل، تؤدي فيه هذه الصلوات العظيمة التي هي صلة بين العبد وربه، فالعبد يكلم ربه ويناجي ربه جلا وعلا، إذا أتيتم المساجد فعليكم بالسكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
وإذا دخل الإنسان المسجد فهو يدخله برجله اليمنى قائلا بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قدم رجله اليسرى قائلا هذا الذكرَ العظيم " بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك، ناسب أن يقول رحمتك حينما يدخل وناسب أن يسأل الله من فضله حينما يخرج، لأنه يخرج إلى المعاش وإلى العمل وإلى الاكتساب.
وإذا دخل الإنسان المسجد، لا يحل له أن يجلس إلا بعد أن يؤدي تحية هذا المقام العظيم، وهذا المكان الجليل، قال النبي صلى الله عليه وسلم " إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ"
لأنه ليس كبيت من بيوت الناس، وإنما هو بيت الله عز وجل، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لكل شيء تحية، فتحية الكعبة الطوافُ حولها، وتحية منى الذبح والنحر، وتحية المجالس السلام، وتحية المساجد ركعتين لله رب العالمين، ركعتين يتهيأ فيها العبد ليدخل في الصلاة العظيمة الجليلة، صلاة الفرض التي هي صلة بين العبد وبين ربه، وإذا دخل الإنسان المسجد وجب عليه أن يقِرَّ في مكانه، وأن لا يحدث شيئا من أمور الدنيا، فإنما بنيت المساجد لذكر الله عز وجل وللصلاة ولقراءة القرآن، ولذلك، حرم أهل العلم البيع والشراء في المسجد، ونهوا عن الحديث في الدنيا أو الإغال فيه، إلا أن يكون حديثا فيه مصلحة محضة أو مصلحة راجحة، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ربما تحدثوا في المسجد عن بعض قِصَصِهم وأمورهم في الجاهلية، فما يكون من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يتبسم، ينكرون ما كانوا عليه من الضلال والغي، وما من الله عز وجل عليهم من الهدى والرشاد، هذه هي بعض الأحكام المتعلقة بهذا المسجد العظيم.
ومن أجل الأحكام، العناية بنظافة المسجد، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لأعرابي جاء من الصحراء الشاسعة، التي هي ملك له يفعل فيها ما يشاء، دخل المسجد حاقنا، فاختار زاوية من زوايا المسجد، لم يعرف الحضارة، ولم يعرف كثيرا من أحكام الدين، وإنما اعتقد أن الأمر ملك له، فاختار زاوية من زوايا المسجد، فتبول فيها، فقام إليه الصحابة ليُزْرِموه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى بهذا الأعرابي وهدأه وهدأ روعه فقال أيها الأعرابي، إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر، إنما هي لذكر الله وللصلاة، بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر، إنما هي لذكر الله وللصلاة ولعبادة المولى جل في علاه.
نعم أيها المؤمنون، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتطييب المساجد وبتنظيفها، حتى اشتهر عن بعض الصحابة أنه كان يلقب بنعيم المُجْمِر، لماذا؟ ﻷنه كان يجمر المسجد، كان يبخره، كان يأتي بالبخور وبالطيب في المسجد فيعتني به، إن كثيرا من الناس من الله عز وجل عليهم بالعناية ببيوت الله عز وجل تنظيفا وتطييبا وتعطيرا، فهؤلاء كما جاء في بعض الآثار، أن مهر الحورِ العين إنما هو تنظيف بيوت الله رب العالمين، مهر الحور العين هي نظافة المساجد، ولذلك كان الأئمة الكبار والعظماء من أمة الإسلام، كانوا يعتنون بنظافة المسجد، لدرجة أن الإمام أحمد ابن حنبل كان ربما رأى القذاة في المسجد فيحملها في كمه، حتى إذا خرج خارج المسجد رماها، القذاة الصغيرة التي لا تُرى بالعين المجردة إلا بالمشقة، كان يخرجها من المسجد، واﻹمام البخاري رحمه الله تعالى رءاه بعضُ تلاميذه أنه ينظر إلى قذاة في المسجد، حتى إذا استغفل الناس حملها ووضعها في جيبه، ثم لما خرج رماها خارج المسجد.
نعم أيها المؤمنون، إن مسؤولية المساجد مسؤولية كل فرد منا نحن معاشر المسلمين، ﻷن كثيرا من الناس وللأسف الشديد يعتقد أن هذه مسؤولية الجهة الرسمية، أو صاحب المسجد، ولذلك تجده متساهلا متهاونا، ولربما تعمد البعض حينما يرى شيئا من اﻷذى والقذر، يتعمد الصدود عنه واﻹعراض عنه، مسؤولية نظافة المساجد وصيانتها عن اﻷذى والقذر؛ مسؤولية كل مسلم يدخل بيتَ الله رب العالمين، وأما اعتقاد أن الجهات المشرفة على المساجد هي المسؤولة فلا شك أن هذا أمر صحيح، لكن المسؤولية مشترَكة، كما أن إدارات الأوقاف مسؤولة عن صيانة المساجد ونظافتها، وكما أن من يبني المساجد يتحملون قسطا كبيرا من الصيانة، أو الصيانة كاملة لبيوت الله عز وجل، فلا بد علينا جميعا أن نضع أيدينا في أيديهم وأن نتعاون على البر والتقوى، وليس هناك أجلُّ ولا أعظم من أن يسهم الإنسان في تنظيف بيوت الله رب العالمين، كثير من الناس يأبى، بل تثور ثائرته وتقوم قيامته إذا وجد في بيته شيئا من الأذى والقذر، لكنه ربما ارتضى ذلك في بيت من بيوت الله رب العالمين، فليراجع قلبه، وليراجع إيمانه، وليراجع أخلاقه مع بيوت الله رب العالمين.
اﻷحكام المتعلقة بالمساجد كثيرة وعديدة، هذه بعضُها، أسأل الله تعالى أن يوفقني الله وإياكم لهداه، ويجعل أعمالنا جميعا في رضاه، إنه على كل شيء قدير وباﻹجابة جدير، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، ويا فوز المستغفرين أستغفر الله ....

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم وبارك على النبي المصطفى، وعلى من بأثره اقتفى، إلى يوم الحشر والمنتهى، أما بعد فيأيها المؤمنون ...
وإن من أجل الأعمال وأفضلها، ومما يقده الإنسان لآخرته في ذلك اليوم المهيل، الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، هي بناء المساجد وعمارتها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أول ما دخل المدينة بنى مسجده، وحث على بناء الماجد في الدُّور وفي الأحياء، وقال عليه الصلاة والسلام كما ذكرت في حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال "مَنْ بنى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمِفْحَصِ قَطَاةٍ بنى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"
فإن من أجلِّ الأعمال وأفضلها هو التقرب إلى الله عز وجل بناء المساجد خاصة في المدن والأحياء التي تقل فيها المساجد، فإنها من أجل القرب وأعظهما التي يتقرب بها العبد إلى ربه ومولاه، والذي يدخر هذا العمل لذلك اليوم الذي يتمنى فيه الإنسان حسنة واحدة، فكيف بمن تبنى له القصور والبيوت في الجنة، رزقني الله وإياكم الجنان.
فالله الله أيها المؤمنون بالانتباه لهذه القضية، وأوصي إخواني الموسَرين والأغنياء ومن عندهم القدرة على بناء المساجد، القيامِ على هذا الأمر وتقديم شيء وادخار شيء لذلك اليوم العجيب، الذي يدني فيه الله عز وجل الشمس من رؤوس العباد قدر مِيل، فينجوا أصحاب العمل الصالح، يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله، تأتي هذه القرب لك يوم القيامة حاجزا بينك وبين النار ،فالله الله بالاعتناء بهذا المسلك الشرعي العظيم، وإن بناء المساجد من أعظم الوسائل التي تحافظ مقصد الشريعة من ضروري الدين، الحفاظ على الدين، فإن في بناء المساجد خير عظيم، فيه تقام الصلوات والحلق ودروس العلم ويتربى المسلمون الصغار والكبار في بيت الله عز وجل، ينهلون من المعين الصافي من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقومون به دينهم وما يُرضون به ربهم وما يصلحون به أوضاعهم الاجتماعية والنفسية والأسرية، هذا هو المسجد الذي هو مصدر الإشعاع ومصدر الخير وإن كثيرا من الناس من الله عز وجل عليهم بالمال والغنى وإذا سألت الرجل منهم لم تجده يقدم شيئا في سبيل بناء المساجد، بل الذي ينبغي للإنسان أن يُسهم ولو إسهاما ومشاركة مع الآخرين في بناء المساجد، ربما إذا نزلت إلى واقع كثير من الناس تجدهم يعتنون بالكماليات وبالشكليات، إذا دخلت بيوتهم تجدُ الأشياء التي لا قيمة لها في واقع الأمر، هي أشياء ثمينة لا تغني ولا تسمن ولا تقرب الإنسان من ربه عز وجل، يعتنون بها وإذا حدثته عن المسجد قدم رجلا وأخر أخرى، على الإنسان أن يتقي الله عز وجل، وأن يعلم أن هذا المال الذي بين يديه سوف يذهب في طريقين، إما في حادث وإما إلى وارث، وهذا المال إما أن يكون لك أو يكون عليك، فالله الله في التنبؤِ لهذه القضية، واجعل من هذا المال جسرا لك تدخل به جنة رب العالمين، ومن لم يكن عنده القدرة والاستطاعة على البناء في داخل الدولة، فهناك دول كثيرة، دول عديدة تحتاج إلى مساجد، وقد زرنا بعضها، وإنك لتجد في المدينة الواحدة التي فيها الملايين المملينة ،تجد فيها مسجدا أو مسجدين، وهي في حاجة بل بأمس الحاجة إلى مسجد، والمسجد الواحد ربما لا يكلف خمسين ألف درهم أو ستين ألف، قل بل مائة ألف درهم، هذا شيء زهيد عند كثير من الناس، وإن أنسى فلا أنسى فضل هذا البلد العظيم في بناء المساجد وتشييدها سواء في داخل الدولة أو في خارجها، قيادة وشعبا، فنسأل الله تعالى أن يوفقهم لهداه وأن يبارك في أعمالهم وفي أموالهم وفي أوقاتهم، وأيضا أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفق باني هذا المسجد إلى كل خير وأن يلبسه لباس الصحة والعافية وأن يبارك له في ذريته وفي أمواله وأن يبارك لجميع المسلمين الذين يٌسهمون في بناء المساجد وفي كل خير وفي كل صلاح، إنه على كل شيء قدير وباﻹجابة جدير
هذا وصلوا وسلموا على النبي المصطفى والرسول المجتبى، إذ أمركم الله عز وجل بالصلاة والسلام عليه بعد أن ثنى بملائكته وأيه بكم أيها المؤمنون حيث قال: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " ويقول نبيكم صلى الله عليه وسلم " من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا"
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
اللهم أعز اﻹسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر اللهم الكفر والكافرين وانصر عبادك الموحدين
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاةَ أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين
اللهم حبب إلينا اﻹيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من عبادك الراشدين
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
اللهم إنا نعوذ بك من درك الشقاء ومن سوء القضاء ومن شماتة اﻷعداء
اللهم يا رحمن الدنيا واﻵخرة نسألك في هذا المقام أن تغفر لجميع المسلمين والمسلمات اﻷحياء منهم واﻷموات إنك على كل شيء قدير
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اﻵخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله إن الله يأمر بالعدل واﻹحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون




إقرأ المزيد... Résuméabuiyad
30‏/8‏/2017


خطبة عيد الأضحى                            الشيخ علي الحذيفي

الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا،والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين :
أما بعدُ: فاتَّقوا اللهَ - عبادَ اللهِ-؛ فهي وصيَّةُ اللهِ للأوَّلين والآخِرين: قال تعالى:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا الله}.
أيها الناس! إنَّ لكلّ أمّة عيدًا يعود عليهم في وقتٍ معلوم، تتقوَّى به عقيدةُ تلك الأمة، وتقوم فيه بِعبادتها، وتحقِّق به جانبًا عظيمًا من وحدَتها.
قال النبي- صلى الله عليه وسلم -:" لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا".
لكنّ أمّةَ الإسلام تختلِف في عيدها عن الأممِ الأخرى؛ فالأمَم غيرُ الإسلاميّة أعيادُها أعيادٌ جاهلية أرضية من وضعِ البشر، لا تنفع في هداية القلوب بشيء، أمّا أمّةُ الإسلام فقد هداها الله عزوجل، قال تعالى:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ لأسْلاَمَ دِينًا* قال الله تعالى: إِنَّ هَـذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فعْبُدُونِ.
وختَم الله الأنبياءَ بسيّد البشر r ، فنسخَت شريعته كلَّ شريعة، فمن لم يؤمِن بمحمد r فهو في النّار أبدًا. وأمرَه الله تعالى بقوله:" ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فكانت أمّة الإسلام وارثةَ خليلي الرّحمن محمّد وإبراهيم عليهما الصلاة والتسليم.
وأنتم في عيدِكم هذا على إرثٍ حقّ ومَأثَرةِ صِدق من الخليلين عليهما الصلاة والسلام، فقد منَّ الله على المسلمين بعيد الفطر وعيد الأضحى.
عن أنس t قال: قدِم علينا رسول الله r المدينةَ ولهم يومان يلعبون فيهما فقال:" لقد أبدَلَكم الله بهما خيرًا منهما: عيد الفطر وعيد الأضحى" .
وقد جعل الله برحمتِهِ وحِكمته هذين العيدَين بعد عبادة عظيمة،فجعل عيدَ الفطر بعد الصيامِ والقيام، ينقُل النفسَ من الجهد والاجتهادِ في العبادة إلى المباحاتِ النافعة التي تجِمّ القلبَ ليستعدَّ لعبادات أخرى، وعيد الأضحى بعد الوقوفِ بِعرفة الذي هو أعظم ركنٍ في الحجّ،وفيه التضرّع والتوبة والابتهال والتطهُّر من الذنوب والنقاء من العيوب، ثم يكون بعده يومُ النحر وذبحُ القرابين عبادةً لله تعالى وضِيافة ونزلاً من الله الجوادِ الكريم لوفده، ثم يأذن الله لوفده بالدخول إلى بيته العتيق بعد أن هذِّبوا ونُقُّوا ليتفضّل عليهم ويكرمهم بأنواع من الكرامات والهبات، لا يحيطُ بها الوَصف.
وعيدُكم هذا سمّاه الله في كتابِه يومَ الحجِّ الأكبر؛ لأنّ أكثَرَ أعمال الحجِّ تكون فيه، عن عبد الله بن قُرط أن النبيَّ r قال: *أفضل الأيّام عند الله يومُ النحر ويوم القرّ"، وهو اليومُ الذي بعد يومِ النّحر، أي: الحادي عشر.
ومن رحمةِ الله وحِكمته أنّه إذا شرع العملَ الصالح دعا الأمّةَ كلَّها إلى فعله، وإذا لم يتمكَّن بعض الأمّة من ذلك العملِ الصالح شرَع لهم من جنسِه من القرُبات ما ينالون به من الثوابِ ما يرفع الله به درجاتهم، فمن لم يقدَّر له الوقوفُ بعرفات للحجّ شرع الله له صيامَ عرفة الذي يكفّر السنة الماضية والقابلةَ، وشرَع له الاجتماعَ لعيدِ الأضحى وصلاةَ العيد والذكر والأضحيةَ قُربانًا لله تعالى، كما يتقرَّب الحاجّ بالذبح لله يوم النّحر اتِّباعًا لهدي نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، وتمسُّكًا بملّة أبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وتحقيقًا لعبادةِ الله وحدَه لا شريك له، وتوحيدًا لقلوبِ الأمّة، وجمعاً لكلمتِها، وربطًا لأمّة الإسلام بهُداتها العِظام الأنبياءِ عليهم الصلاة والسلام.
أيّها المسلمون، إنَّ عيدَكم هذا ذو منافعَ عظيمة ، منافعُ في العبادةِ حيثُ يتقرَّب فيه المسلم بأحبِّ الأعمالِ إلى اللهِ تعالى، ومنافِعُه في الاجتماعِ حيث يجتمع فيه المسلِمون ويترابَطون ويتسَامحون ويتوادّون فيكونونَ كالجسدِ الواحِد، تتلاشى فيه الضغائن والحزازاتُ والأحقاد، وتنتهِي فيه القطيعةُ والتّدابُر، فيكون المسلِمون بنعمة الله إخوانًا، ويتعرّضون في هذا العيد وفي مجتمعه لنفحات الله، ويسألون الله من فضله في الدنيا والآخرة، فتغشاهم الرحمة من الله، ويستجيب الله تبارك وتعالى لهم، ويرحم اجتماعهم، ويتفرَّقون بغنائمَ منَ الله وفَضل.
عباد الله،ومن البدع تخصيص أيام العيد لزيارة الأموات.
أيّها المسلمون،أخلصوا العبادات لربكم، وإيّاكم والشِّركَ بالله فإنه أعظم ذنب عُصي الله به ، وذلك لأن فيه مسبة لله وتنقص له ومساواة له بغيره، فاحذروه وتعلموا التوحيد وما يكمله ويزيده لتستقيموا عليه، وتعلموا الشرك لتحذروه وتجتنوبه فلا تقعوا فيه.
قال الله تعالى:"إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّـالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ".
وعلى المؤمن أن يعظم الله حق تعظيمه ويقدره حق قدره ويؤمن بما جاء في كتاب الله ، ويؤمن ويصدق بما صح عن رسول اللهr ،وافهموا الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، واحذروا البدع والمحدثات في الدين فإنها ضلالة، وكل ضلالة في النار، واحذروا الجماعات الحزبية المنتشرة بيننا كجماعة التبليغ الصوفية وجماعة الإخوان الخارجية وغيرهما فقد حذر منها أهل العلم،وعليكم بأهل السنة وكتبهم وأشرطتهم ودروسهم والحذر ممن يطعن فيهم أو في بعضهم كابن باز والألباني والعثمين والجامي والوادعي والنجمي –رحمهم الله تعالى- واللحيدان الفوزان وربيع المدخلي والعباَّد- حفظهم الله تعالى- فلا يتكلم فيهم إلا جاهل يتكلم بما لايعلم،أو صاحب هوى وبدعة ومن تبعه من الجماعات الحزبية وخريجوا السجون الذين طعنوا في ولاة الأمر وهيجوا الأمة وشبابها عليهم.
أيها الناس!شرائع الإسلام الظاهرة وأركانه الخمس العظيمة حافظوا عليها ولا تضيعوها فمن ضيعها فهو لما سواها أضيع .
عبادَ الله، الصلاةَ الصلاةَ؛ فإنها عمودُ الإسلام وناهيَةٌ عن الآثام، أقيموها في بيوتِ الله جماعة؛ فإنها أوّل ما يُسأَل عنه العبدُ يومَ القيامة، والزكاة تنمي المال وتزكيه وتبارك فيه وتغني الفقراء عن المسألة، والصوم يهذب النفوس ويزكيها ويجلب لها التقوى، والحج يمحو الله به الفقر والذنوب ويكفر به السيئات.
وعليكم ببرِّ الوالدين وصِلَة الأرحام، فقد فاز من وفَّى بهذا المقام. وأحسنوا الرعايةَ على الزوجات والأولادِ والخدَم ومن ولاّكم الله أمرَه، وأدّوا حقوقهم،وعلموهم، واحمِلوهم على ما ينفعهم، وجنِّبوهم ما يضرّهم،وأحسنوا إلى الجيران قال النبيِّ صلى الله عليه وسلم ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه). وقال:( يا أبا ذر ! إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ) ، والجار من كان قريباًً منك في السكن ولو من خارج هذا البلاد.
وإيّاكم وقتلَ النفس التي حرَّم الله، ففي الحديث: * لا يزال المسلِمُ في فسحةٍ من دينه ما لم يصِب دمًا حرامًا"، وقال: لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ".
وإيّاكم والرّبا؛ فإنه يوجِب غضَبَ الربّ، ويمحَق بركة المال والأعمار، وفي الحديث: *الرِّبا نيِّفٌ وسبعون بابًا، أَهونُها مِثل أن ينكِحَ الرّجل أمَّه*
وإيّاكم والزِّنا؛ فإنّه عارٌ ونار وشَنار، قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ".
وإيّاكم وعملَ قومِ لوطٍ؛ قال النبيr : * لعَن الله من عَمِلَ عملَ قومِ لوط، لعَن الله من عَمِلَ عملَ قومِ لوط، لعَن الله من عَمِلَ عملَ قومِ لوط.
وإيّاكم والمسكراتِ والمخدِّرات؛ فإنّها موبِقاتٌ مهلِكات، توجب غضَبَ الربِّ، وتمسَخ الإنسان، فيرى الحسنَ قبيحًا، والقبيحَ حسنًا، عن جابر رضي الله عنه أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:" كلُّ مسكرٍ حرام، وإنّ على الله عهدًا لمن يشرَب المسكر أن يسقيَه من طينة الخبال، عُصارةِ أهل النار".
وإيّاكم وشربَ الدّخان،وهو باب من أبواب الشرّ كبير،يفتح شرورًا كثيرة، وهو معصية لله ولرسوله وأذية للملائكة والنفس والبشر.
وإيّاكم وأموالَ المسلمين وظلمَهم؛ فمن اقتطَع شبرًا من الأرض بغيرِ حقٍّ طوَّقه الله إياه من سبعِ أراضين.
وإيّاكم وأموالَ اليتامى؛ فإنّه فَقرٌ ودمار وعقوبة عاجلة ونار.
وإياكم والعصبيات لجنس أو لون أو قبيلة فإنها من الجاهلية.
وإيّاكم وقذفَ المحصنات الغافلات، فإنه من المهلِكات.
وإيّاكم والغيبةَ والنميمة؛ فإنها ظلمٌ للمسلم وإثم، تذهَب بحسناتِ المغتاب.
وإياكم وحلق اللحى أوقصها فإنه مخالفة لهدي النبي r.
وإيّاكم وإسبالَ الثياب ولو من غير فخر وخيلاء ، ففي الحديثِ: * ما أسفَلَ من الكعبَين فهو في النّار.
نسأل الله تعالى الهدى والتقى والعفاف والغنى.
الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
يا معشرَ النِّساء! اتَّقين اللهَ تعالى، وأطِعن الله ورسوله، وحافِظن على صلاتِكُنّ، وأطعنَ أزواجَكُنّ، وارعَينَ حقوقَهُم، وأحسِنَّ الجوار،وإياكن والغيبة والنميمة، وعليكنّ بتربيةِ أولادكنّ التربيةَ الإسلامية ورعاية الأمانة، وإيّاكنّ والتبرجَ والسفور والاختلاطَ بالرّجال، وعليكنّ بالسِّتر والعفاف؛ تكنَّ من الفائزات، وتدخُلنَ الجنّةَ مع القانتات.
عن ابن عبّاسٍ t قال: جاء النبيُّ r مع بلال إلى النّساء في عيد الفطر فقرأ: يا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَـاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلْـادَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَـانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ،ثم قال: *أنتُنّ على ذلك؟* قالت امرأة: نَعَم يا رسول الله". ومعنى وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَـانٍ يَفْتَرِينَهُ أي: لا يلحِقنَ بأزواجهنّ غيرَ أولادهم؛ لحديث أبي هريرةرضي الله عنه:أيما امرأةٍ أدخلت على قومٍ ولدًا ليس منهم فليسَت من الله في شيءٍ ولن تدخُلَ الجنّة*د، وإنّ مما حث به النبي r النساءَ يومَ العيد الإكثارَ من التصدق، فقال لهن عليه الصلاة السلام: "تصدّقْن فإنكن أكثرُ أهلِ النار، فقالت امرأةٌ منهن:ولم يا رسول الله؟ فقال: لأنكن تكفرن العشير...فإن الزوج يحسن إلى زوجته طول الدهر فإنْ رأت منه خطأً واحدا قالتْ لم أرى منك خيراً قط..."أو كما قال. (فَجَعَلْن يَتَصَدَّقْن من حُليِّهِنَّ).فتصدقْن من حُليكن وأموالكن وتفقّدْن المحتاجين من الأقارب والجيران وغيرهم،وأبشرنَ بهذه البشارة:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ).
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ تفلحوا، وأطيعوه تهتَدوا.
عبادَ الله، إنَّ يومكم هذا يومٌ فضيل وعِيدٌ عظيم جليل، يجتمع فيه الحجاجّ بمنى، يكمِّلونَ أنساكَ حجّهم، ويذبحون قرابينَهم للإله الحقّ لا ربَّ غيره،وتضحون أنتم هنا كل ذلك إِحياءً لسنّة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بشرعِ نبيِّنا محمّد r.
وتقول عند الذبح: بسم الله والله أكبر،اللهمّ هذا منك ولَك ، اللهم هذا عن فلان وآل فلان، ولا يجوز أن يعطي الجزارَ أجرتَه من نفس الأضحية، ويُستحَبّ أن يأكلَ ، ويهدِيَ ، ويتصدَّق، ووقتُ الذبح من بعد صلاة العيد وهذا أفضل، وينتهي بغروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة.
أيها الناس! وتخصيص الميت بأضحية خاصة به ليس من السنّة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم يضح عن أحد من أمواته الذين ماتوا في حياته بخصوصه، ولم يرد عن أصحابه في عهده أن أحداً منهم ضحى عن أحد من أمواته،ولم يعرف عن السلف أنهم كانوا يوصون بالتضحية عنهم بعد موتهم،لأن الأصل أن الأضحية عن الأحياء.
عباد الله ، قال عليه الصلاة والسلام:(أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى)، فيحرم صوم يوم العيد وأيام التشريق إلا لمن لم يجد الهدي من الحجاج كما ثبت في السنة،ويشرع فيها التكبير المطلق في كل وقت، والتكبير المقيد دبر الصلوات المفروضة.
أيها الناس، تذكَّروا ما أمامَكم من الأهوالِ والأمور العِظام بعدَ الموت، وتفكَّروا فيمَن صلَّى معكم في سالِفِ الزمان من الآباء والأحبَّة والإخوان، كيف خلَّفوا الدّنيا ووَارَاهم التّرابُ وانصرَفَ عنهم الأحباب، ولم ينفَعهم إلا ما قدَّموا، ولم يلازِمهم إلا ما عملوا، يتمنَّونَ استدراكَ ما فرط وفاتَ،وأنَّى للحياة الدنيا أن ترجِعَ للأموات؟!وتفكَّروا في القرونِ الخالية العظام الشداد، الذين اختَطّوا المدنَ والأمصار، وتمتَّعوا باللّذّات في طول أعمار، كيف نقِلوا إلى ظلُمات اللحود ومراتِع الدود، وإن ما أتى على الأوّلين سيأتي على الآخرين.
فأعِدّوا للحياةِ الطيّبة الأبديّة، ولا تركَنوا لحياةِ النّصَب والمكارِه، فليست السعادةُ في لبسِ الجديد ولا في أن تأتيَ الدنيا على ما يتمنَّى المرءُ ويريد، لكنّ السعادةَ –والله- في تقوى الله عز وجل والفوز بجنّة الخُلد التي لا يفنى نعيمُها ولا يبيد، والنجاة من نارٍ عذابها شديد، وقعرها بعيد،وطعامُ أهلِها الزقّوم والضّريع، وشَرابهم المهلُ والصّديد، ولِباسُهم القطِران والحديد.
عبادَ الله، اشكروا ربَّكم على ما منَّ به عَليكم في هذه البلادِ من الأمن والإيمان وعافِيةِ الأبدان وتيسُّر الأرزاقِ وتوفُّر مرافق الحياةِ وانطِفاء نارِ الفِتن المدمِّرة، واستديموا نعَمَ الله بشُكرِه وطاعته.
اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ بِأَنِّا نَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ لَكَ الْحَمْدَ يا مَنَّانُ يا بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حَىُّ يَا قَيُّومُ، أغفر لنا ذنوبنا وأدخلنا الجنة وأعذنا من النار، اللهم صل وسلم وبارك على نبيك محمد وآله،وأرضى اللهم عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معاشنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم وفق المسلمين لكلّ خير، واحفظ حجّاجَ بيتِك الحرام، وأعنهم على أداءِ نسكهم، واصرف عنهم كيدَ الكائدين وحِقد الحاقدين، ووفق وُلاةَ أمرنا لما يرضيك، ومدَّهم بعونِك وتوفيقِك وتأييدِك، وسهِّل أمرَ الحجيج، وأعنهم على أداء نسكهم في أمنٍ ويسر وسكينة، إنك على كل شيءٍ قدير. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ عبدالواحد المدخلى..
- هذه الخطبة استفدتها من خطبة الشيخ على عبدالرحمن الحذيفي- جزاه الله خيراً- لكني اختصرتها، وزدت عليها بعض الزيادات.
- وحذفت ما لم يثبت، فليس فيها حديث إلا هو ثابت اعتمدت ز فيه على كتب المحدث الألباني رحمه الله تعالى.


 لتحميل الخطبة بصيغة ملف وورد اضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــــا

إقرأ المزيد... Résuméabuiyad